في الذكرى الحادية والثلاثين لرحيل زعيم الامة وصانع الجمهورية الاسلامية المباركة في ايران آية الله العظمى الامام السيد روح الله الموسوي الخميني (قُدِّس سرُّه الشريف) نقف بإجلال للشيخ الكبير الذي تصدى للاستكبار العالمي والصهيونية البغيضة، ولم يناور ولم يهادن لا قبل الانتصار الثورة الاسلامية ولا بعدها وكان شعاره ان (ارادة الله سبحانه وتعالى وكرامة الشعوب هما المنتصر مهما استشرس أعداء الدين والبشرية على امتداد التاريخ).
الامام الخميني هو الرجل الذي صنع من تخليد ذكرى عاشوراء اعظم ثورة واقوى دولة في العصر الحديث ولم يكن بيده سلاح سوى التقوى والزهد والكلمة الصادقة اضافة الى انه كان يحمل نفسا كبيرة وشخصية عظيمة استطاع بهما ان يقود ايران طيلة عقد من الزمان ويجعل منها ملاذا لكل القوى المطالبة بالعدالة والتحرر، ويعيد للاسلام دوره المشرق ويحمل بجدارة عبء هذه المسؤولية، واستطاع ايضا ان يؤمّن مسيرة الجمهورية الاسلامية بعدما عصفت بها المصاعب والمؤامرات والضغوطات من كل جانب.
لقد كانت المخاطر التي تتهدد الثورة الاسلامية الفتية كثيرة ومعقدة بيد ان الامام الخميني (طاب ثراه) تمكن من اخمادها واجهاضها وحوَّل الكم الهائل منها الى فرص استثمرها ابناء شعبنا المجاهد لتقويض ركائز الاستكبار الاميركي وانزال الهزائم المذلة به وبصنيعته “اسرائيل” الغاصبة.
فبعدما كانت ايران قاعدة امبريالية ضد شعوب المنطقة تحولت بفضل قيادة الامام الراحل الى قاعدة لمقارعة المستكبرين والى حليف استراتيجي لدعم قوى محور المقاومة بوجه المشروع الاميركي ـ الصهيوني في منطقة غرب آسيا.
وبفضل القيادة الربانية للامام الخميني انطلقت الصحوة الاسلامية المباركة في ارجاء الارض والتي عملت على لجم العربدة الاميركية ـ الاوروبية ـ الاسرائيلية في الشرق الاوسط وانحاء العالم .. الصحوة التي عززت ايضا مواقع المجاهدين والمقاومين في لبنان وفلسطين وسوريا واليمن والعراق ، وجعلت منها ارقاما صعبة ومؤثرة جدا في المعادلات الدولية.
الإمام الخميني قاد الثورة الاسلامية في ايران ليقول: للعالم اجمع ان الاسلام هو الحق وان الاسلام هو ان لا ننسى قضايانا المصيرية التي تضعنا في المواجهة مع قوى العدوان والاستكبار، وليقول ان “اسرائيل” شر مطلق وغدة سرطانية لابد من ازالتها من الوجود لكي تعود فلسطين الى اهلها وتنعم امم الارض بالامن والسلام والتعايش الودي والانساني وذلك بعد القضاء على النزعة العدوانية التآمرية الصهيونية في العالم.
الامام الخميني هو القائد الذي كان شعاره التوكل والصبر والعزم والحزم .. القائد الذي تحدى اعتى القوى الامبريالية ولم يسمح للخوف والانكسار ان يتسللا الى نفسه الابية الامر الذي جعل الامة تدين له بالولاء والطاعة كما جعل ابناء الشعب الايراني المجاهد يذوبون في نهجه الخلاق ويحققون اليوم اعظم المنجزات والمكاسب التي يفخر بها المسلمون والاحرار والشرفاء جميعا.
ان نهج الامام الخميني كان ولايزال هو نهج الثورة واستنهاض همم الخيّرين لبناء الحاضر وضمان المستقبل، وقد واصل قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي (دام ظله) هذه المسيرة الصاعدة بما ارتقى بالجمهورية الاسلامية الى اعلى المراتب، فايران اليوم آخذة بنواصي المعرفة والعلوم والتقانة النووية والفضاء والتسلح ولها دور اقليمي ودولي يدين له الاصدقاء والاعداء على حدٍّ سواء.
لقد رحل الامام الخميني تاركا وراءه أرثاً عظيماً من الانتصارات والعظمة والايمان والبصيرة والثقة بالنفس ، كما استطاعت الثورة الاسلامية التي قادها بحكمته وحسن تدبيره ورؤيته الثاقبة ان تعيد الوجه الحقيقي للجهاد الحق الذي يتصدى اليوم ببسالة لكل التحركات الاستكبارية والفتن التكفيرية والسلوكيات الارهابية التي جاءت بها اميركا و”اسرائيل” لتشويه الاسلام المحمدي الاصيل وللحيلولة دون تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاشم.
المؤكد ان المشروع الاسلامي الذي اطلقه الامام الراحل (طاب ثراه) تجلى اليوم في تعميق مفاهيمه وزيادة نجاحاته على مستوى الامة من خلال المواقف النبيلة التي جسدتها الجمهورية الاسلامية النابعة من المفاهيم التي رسخها الامام الخميني ومن الدور الريادي الذي تضطلع به ايران في المرحلة الراهنة.
في مناسبة رحيل الامام الخميني نستمطر شآبيب الرحمه على روحه الطاهرة ونستذكر المواقف التضحوية الخالدة لسماحته قائداً اعطى الامة ما لديه من صدق وتفانٍ واخلاص ووهبها ثورة اسلامية زلزلت المؤامرات والمخططات الاستكبارية كافة وجعلت من ايران دولة عظيمة يحسب لها الف حساب وجعلت منها نصيرا لجميع المستضعفين والاحرار وقائدا لمحور المقاومة بوجه التحركات الصهيو اميركية الشريرة في منطقتنا الاسلامية والعربية.
بقلم الكاتب والاعلامي حميد حلمي البغدادي