هاجرت السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر عليهم السلام تاركة مدينة جدها رسول الله في سنة 200 هجرية، مستجيبة لأمر إمامها علي الرضا عليه السلام، لقد تحركت السيدة فاطمة بركبها تجدُّ السيرَ لتُجري مشيئةَ الله في الأهداف المرسومة لها في بناء وتقوية حرم أهل البيت قم المقدسة، وترويج الإسلام الأصيل، جائت لكي تشرقَ على قم البلدة الطيبة بنورها وعلمها وخيرها وشفاعتها، ومنذ أن جائت لم تغب شمسها أبدا، فهي من مقومات هذه المدينة، بل بها قامت.
نعم كيف تغيب شمسها وقد جعلت قم بمجيئها حاضرةً للعلم، وناشرة لمذهب أهل البيت في أصقاع الأرض، حتى سماها الصادقُ الْكُوفَةَ الصَّغِيرَة.
فكانت قم ببركة وجودها بلدَ العلماء والشيعة ومركزا للفقهاء، فقد عاش وولد فيها، وتخرج منها، وهاجر إليها الكثير من رواة أهل البيت، والفقهاء والعظماء، وأكابر العلماء، وما زالت تزخر بالعلماء، حتى وصفهم الأئمة بشيعتنا، رعاةِ حقنا، أنصارِ قائمنا، ٌ وَ أَهْلِهَا مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُم، وغير ذلك.
ومنذ أن حلّت بهذه الديار أصبحت قم مأوى الفاطميين، فقدإلتحق بها الكثيُر من أولاد الأئمة الأجلاء والعلماء، كالسيد موسى المبرقع، والفقيه السيد علي بن جعفر وغيرهم، وهاجروا إليها من جميع البلدان.
نعم إن حرمها الطاهر أصبح مأمنا للعباد ومستجاراً للخلق، ومنبعا للفيض، وبابا من أبواب الرحمة الإلهية للقاصدين ، فلم تكن السيدة فاطمة بالحرم آمنة، بل كان بها الحرم آمنا، لقد حلت بين أهلِ قم بضعةَ أيام، لتبقى مدى الدهر رمزَ بقاءهم وولائهم لآل النبي، ونجاتهم وشجاعتهم .
حرمٌ أتاه الخائفون فأبدلوا * أمنا ، ونالَ الطالبون مراما
عشٌ لآل محمدٍ يهفوا له * أهلُ الوداد محبةً وغراما
من مثل فاطمة كريمة بيتها * بيت الإله الخالق العلام
روحي فداها اليوم يوم ولادة * سعدت بها الدنيا مدى الأيام